أزمة بيئية وصحية خانقة.. إيران تسجّل آلاف الوفيات بسبب تلوث الهواء
أزمة بيئية وصحية خانقة.. إيران تسجّل آلاف الوفيات بسبب تلوث الهواء
شهدت إيران خلال عام 2024 أزمة بيئية وصحية خانقة، بعدما كشفت دراسة رسمية عن تسجيل 35,540 وفاة مرتبطة مباشرة بتلوث الهواء، أي بزيادة واضحة مقارنة بالأعوام السابقة، حيث سُجلت 30,690 وفاة في عام 2023، ونحو 26 ألف وفاة في 2022.
تعكس هذه الأرقام مسارًا تصاعديًا مقلقًا لمعدل الوفيات الناتجة عن التلوث، وتسلط الضوء على التحدي البيئي الأكبر الذي يواجه البلاد، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الخميس.
ووفقًا لعباس شاهسوني، نائب رئيس مركز أبحاث جودة الهواء والتغير المناخي في جامعة "شهيد بهشتي" للعلوم الطبية، فقد شملت الدراسة الأخيرة 83 مدينة يقطنها أكثر من 57 مليون شخص.
وأظهرت النتائج أن الوفيات في هذه المدن تراوحت بين 23,766 كحد أدنى و46 ألف كحد أقصى، ما يبرز الفوارق الكبيرة بين المناطق من حيث نسب التلوث والوفيات.
مدينة شاهرود الأنظف
وبيّنت البيانات أن مدينة شاهرود كانت الأنظف على مستوى البلاد خلال 2024، تليها مدينة سنندج، حيث سجلتا أقل تركيز للجزيئات العالقة الدقيقة (PM2.5) التي يقل قطرها عن 2.5 ميكرون، وهي الجسيمات الأكثر خطورة على صحة الإنسان.
وفي المقابل، تصدرت مدن زابل وإيرانشهر وريغان قائمة أكثر المدن تلوثًا، ما جعلها بؤرًا ساخنة لمشكلات الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية.
العاصمة طهران، التي تضم أكبر عدد من السكان، لم تكن بمنأى عن هذه الكارثة، فقد أشار شاهسوني في وقت سابق إلى أن 7,342 شخصًا في المدينة لقوا حتفهم عام 2024 نتيجة "التعرض الطويل الأمد للجزيئات العالقة الدقيقة".
ورغم أن بعض وسائل الإعلام المحلية نشرت رقمًا أقل بلغ 6,000 وفاة، فإن جميع الإحصاءات تؤكد استمرار تفاقم المخاطر البيئية في العاصمة.
وقود رديء وسيارات قديمة
يشير خبراء البيئة إلى أن الأسباب الرئيسة لهذه الأزمة تتمثل في حرق المازوت في محطات توليد الطاقة، واستخدام بنزين منخفض الجودة، بالإضافة إلى السيارات والشاحنات القديمة التي تفتقر لمعايير الانبعاثات الحديثة.
وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى إنتاج كميات هائلة من الملوثات، التي تعلق في الغلاف الجوي لفترات طويلة، خصوصًا خلال فصول الشتاء التي تتسم بظاهرة الانعكاس الحراري.
ولا يهدد تلوث الهواء في إيران فقط صحة المواطنين، بل يفرض أعباء اقتصادية ضخمة على الدولة، من خلال زيادة الإنفاق على الرعاية الصحية وخسائر الإنتاجية بسبب الأمراض المزمنة والوفيات المبكرة.
ومع استمرار المؤشرات في الصعود، يحذر المختصون من أن عدم تبني سياسات بيئية صارمة –تتضمن تحسين جودة الوقود، وتطوير وسائل النقل العام، وتشديد الرقابة على الصناعات– سيجعل الأرقام في الأعوام المقبلة أكثر قتامة.